أبلغني صديق لي بالسنة الرابعة بكلية الطب أنه قبل المباراة الفاصلة بين الأهلي والنجم الساحلي في إياب نهائي دوري أبطال إفريقيا بالقاهرة بأيام قليلة وبينما كان يجلس في أحد المقاهي الشهيرة في القاهرة رأى لاعب نادي النجم الساحلي أمين الشرميطي وصاحب الهدف الثاني في مرمى الحضري في المباراة الشهيرة يجلس مع عماد النحاس مدافع النادي الأهلي والذي نال البطاقة الحمراء وخرج على أثرها من الملعب خلال المباراة ذاتها.
وأكد لي صديقي والمعروف عنه حبه الشديد للأهلي أنه كان يجلس بالقرب من اللاعبان وأنه سمع الشرميطي - الذي أكد لي صديقه أنه نجمه المفضل منذ أن كان طفلا .. ! يتفق مع النحاس - الذي أكد لي صديقي أيضا أنه لم يكن يعرفه قبل المباراة وقبل حادثة الطرد الشهيرة .. !- سمعهما يتفقان على سيناريو اللعبة التي طرد بعدها النحاس.
وأستطاع صديقي هذا - والمعروف عنه أيضا تمتعه بموهبة الرسم - أن يرسم صورة للاعبان وهما في موقف مشابه تماما للموقف الذي تسبب في طرد النحاس، وهي اللوحة التي رسمها في بداية الأمر على سبيل الذكرى مؤكدا لي أنه ظل طوال عمره يحلم بأن يرسم مثل هذه اللوحة للاعب أمين الشرميطي النجم المفضل لديه منذ الطفولة.
بل وأكد لي صديقي أنه "شاهد عيان" على هذه الواقعة وأنه على استعداد هو وكل من كان يجلس في المقهى في هذا التوقيت أن يذهبوا لعيسى حياتو ومعهم اللوحة التي رسمها لكي يحكوا له تفاصيل هذا الاجتماع لكشف المؤامرة اللعينة التي أبعدت اللقب عن مقر القلعة الحمراء في الجزيرة!
لا أستبعد أن تكون هذه هي القصة الجديدة التي ستطالعنا بها إحدى الصحف بعد رواية اجتماع عبد الرحيم العرجون حكم لقاء الأهلي والنجم الساحلي مع نائب رئيس نادي النجم في باريس في محاولة للتلاعب بمشاعر الملايين من عشاق النادي الأهلي واستكمالا لنظرية المؤامرة التي تسيطر علينا لتبرير أي فشل أو عجز نعاني منه في أي مجال من مجالات الحياة.
ولنترك – كعادتنا دائما في مثل هذه المواقف – المشكلة الأساسية لنتمسك بمسائل فرعية وكأننا نرفض أن نواجه أنفسنا بعيوبنا وبالأسباب الرئيسية الأحرى بنا الوقوف عليها إذا أردنا بالفعل الوصول لتبرير منطقي لخسارة الأهلي للقب الإفريقي.
خسارة الأهلي لم تكن وليدة أخطاء تحكمية – مع اعترافنا بوجود هذه الأخطاء – بقدر ما هي نتاج لأخطاء متراكمة على جميع المستويات وأبرزها بلا شك وهو الواضح للجميع عدا إدارة الأهلي عدم تدعيم الفريق بلاعبين على نفس مستوى بركات وأبو تريكة وغيرهم من نجوم الفريق في المراكز التي تحتاج لتدعيم وخاصة في الهجوم.
إدارة الفريق الأحمر - والتي طالما أشادنا بها – انصرفت عن تدعيم الأماكن الشاغرة في الفريق والواضحة للجميع وتفرغت للدخول في تنافس عشوائي مع مثيلاتها من إدارات الأندية الأخرى على ضم لاعبين لا يحتاج لهم الفريق لمجرد الفوز بصفقات جديدة وإضاعتها على المنافسين.
قد يكون مانويل جوزيه أخطأ في إدارة اللقاء – خاصة عندما استبعد وائل جمعة أفضل مدافعي مصر بشهادة الشرمطيي نفسه والذي أكد بعد المباراة أنه استراح عندما علم بغياب جمعة - ولكن ماذا كان سيفعل الرجل في ظل إيقاف بركات وبعد أبو تريكة عن مستواه وفي ظل دكة بدلاء خاوية وهي في رأي أهم أسباب خسارة الأهلي للقب الإفريقي.
خسارة الأهلي كانت نتيجة منطقية لحالة الثقة الزائدة التي سادت بين الجميع قبل المباراة النهائية وعقب التعادل السلبي في مباراة الذهاب في سوسة بأن الأهلي سوف يحقق اللقب لا محالة وأن تذكرة الذهاب إلي اليابان أصبحت مضمونة والتقليل من فريق النجم وطموح لاعبيه وقدراتهم حتى رأينا كل هذا يتحطم على أقدام أصدقاء الشرميطي في إستاد القاهرة.
من الإجحاف أن نلقي بالخسارة على مظلة التحكيم فالعرجون وأن كان قد أخطأ فأنه لم يكن السبب الرئيسي في الهزيمة وكما استفاد النجم من الأخطاء التحكمية فقد استفاد منها الأهلي في مباريات وبطولات أخرى ولكن علينا أن نعترف بأن النجم استحق الفوز لأن مدربه ولاعبيه اجتهدوا واستفادوا من أخطاء جوزيه ولاعبيه.
يجب أن نعترف بفارق السرعة الشاسع بين مهاجمي النجم بقيادة الشرميطي وبين مدافعي الأهلي بل ومدافعي مصر جميعا وهو أهم ما يعيب مدافعينا بشكل عام ولعل مباراة منتخبنا الوطني أمام نظيره الياباني أبلغ مثال على ذلك .. يجب أن نعترف أن الأهلي لعب بطريقة تقليدية يسهل على أي فريق يجيد التمركز الدفاعي أن يتعامل معها بسهولة .. يجب أن نعترف بعيوبنا أولا قبل أن نرمي بها على الآخرين إذا أردنا أن نصل إلي حلول ايجابية.
خسر الأهلي اللقب ولكن هذا لا يقلل من إنجازات الفريق على مدار عامين متواصلين من البطولات على جميع المستويات بل وستبقى القلعة الحمراء شامخة ببطولاتها وألقابها .. ولكن خسارتنا الحقيقية هي غياب الروح الرياضية والمظهر الغير حضاري والغريب على ملاعبنا وعلى جمهورنا في قيام البعض بالتعدي على لاعبي النجم عقب تسلمهم كأس البطولة هو ما لم يحدث مع لاعبينا العام الماضي عقب الفوز باللقب على حساب الصفاقسي في رادس.
في النهاية نرجو من إدارة الأهلي أن تبحث في الأسباب الحقيقية وراء هذا الإخفاق وان تسارع الإدارة الحمراء بوعيها المعهود في تدعيم الفريق بلاعبين على مستوى فريق بحجم النادي الأهلي وفي المراكز التي تحتاج لتدعيم بالفعل .. وأتمنى ألا يخرج علينا البعض خلال الأيام القادمة ليؤكد اكتشاف مؤامرة بين شادي محمد ولاعب النجم الساحلي عفوان الغربي لتسجيل الهدف الأول في مرمى الحضري !